الأحد، 10 مايو 2009

العصابة الأمريكية


رشحنى بنفسه للوظيفة لانه يعرفنى فهو إبن البلدة الفقيرة التى أنتمى إليها والمشار إليها فى بطاقة الهوية كمحل لإقامتى ...رحل منها منذ سنوات وعاد إليها إنيقاً ،قال بسيارته الفارهة أنا الأكثر نجاحا والأوفر حظاً ، مشى بخيلاء فوق عيون تعساء البلدة وكنت واحداً منهم ..
جلست أمامه بعد عام كامل من العمل تحت إدارته ، إستدعانى ليبلغنى نتيجة التحقيق ، إنشغل باحثا فى أوراق ، تلقى مكالمات وتركنى لبياض سخيف صنعته أضواء كاشفات الفلورسنت المعلقة فى السقف عندما إختلطت بالضوء الآت من النافذة ، كنت متوتراً ، أشعر منذ فترة بأنه لم يعد يتصرف معى بنفس الود الذى كان بيننا ..ضغط أزرار التحكم ،ادارالتكييف الذى دفع فى وجهى زفيراً مختزناً وعطانةً كريهة ، بحث أمامه عن قدح القهوة ،إمتعض عندما إكتشف انها باردة ، عاد للوراء بكرسيه ثم تقدم للامام ،أسند مرفقه الأيسر على المكتب وباشر حك مؤخرة عنقه وشحمة أذنه ،أخرج من درج مكتبه صورة كبيرة . وضعها امامه ، تعمد ان تكون امامى أيضا ، لم افهم و لم أتصور أن ما يغضبه هو ما بالصورة ..
أليس هوالذى لعن أمامى البلدة وافكارها البالية ، لم أر متحررا مثله من قبل، لماذا يحاول الآن إتهامى بشىء لم أفعله من أجل صورة مثل هذه ؟
عندما أعلنت الشركة عن قيام رحلة لشرم الشيخ إتصل بى وذهبت معه لشراء مايوه لخطيبته التى سترافقه ، لم يستحى من أستطلاع رأيى ، أخرجه من علبته ، بسطه امامى على الزجاج ، القطعة الأولى المخططة والثانية المنقوشة بنجوم ، طلب لنفسه عصابة رأس ، من بين ماعرض عليه لم يختار سوى العلم الامريكى .
فى المطار جاءت خطيبته وكانت غاضبة ، أخبرتنا انه سيتخلف عن الرحلة ، كانت وحيدة مثلى بلا رفيق ، حاولت تقديم مساعدتى ، أصبحت رفيقها ، فهى لا تعرف أى من الزملاء . شاركتها كل شىء وانا أظن ان الواجب يقتضى ذلك ، رقصت معى مرتدية المايوة البكينى ، إلتقط لنا الزملاء مئات الصور ، و مع ذلك فهذه الصورة التى وضعها امامى على المكتب ليست الأكثر سخونة ..

إلتقط ورقة من الطابعة وقال
- قررت الشركة بعد التحقيق الإستغناء عن خدماتك ..أنت بددت الآمانة ..
طلب توقيعى على الإستقالة ، إنصرفت وأنا لا إعرف أى أمانة يقصد!! ..لم أصدق أن فقدان جهاز" لاب توب" يمكن أن يؤدى إلى هذا التحقيق ، رفضوا و قالوا أنهم يستندون للمبدأ عندما عرضت عليهم خصم ثمنه من راتبى ، لم تفلح توسلاتى التى لم تنقطع حتى إنصرفت مطرودا ، خرجت من بوابات الشركة ، سرت فى ظلال أسوارها الخارجية وأنا أتذكر الراتب الكبير الذى سأحرم منه والسيارة ، والسائق الذى كان تحت تصرفى ، تسابقت فى رأسى حلول ساذجة لتخرجنى من المأزق ، قدماى لا تريدان أن تحملانى و السور لايريد أن ينتهى ، توقفت وإستدت عليه بظهرى وباطن قدمى ، نفثت حسرتى فى دخان سيجارتى ، إتصلتُ بخطيبته ، طلبتْ منى أن انتظر حيث أنا ، وعدتنى بأنها ستاتى لإنهاء الموقف برمته ، مرت أمامى مسرعة بسيارتها فى إتجاه بوابات الشركة ، أشارت لى مرة أخرى أن أظل حيث أنا ، تأخرتْ ساعة ... تركتُ ظلال السور ، عبرتُ الطريق لشراء سجائر، ذهب ضوء الشمس ببصرى للحظة ، عادت خطيبته مسرعة ، آخر ماسمعته كان نداءً مختلطاً بصراخ إطاراتها الزاحفات كبحاً
- حاسب .....