الخميس، 4 يونيو 2009

حديث المدينة


المدينة مازالت صامتة لاتريد أن تتكلم ..الشوارع خرساء لا تريد أن تقول شيئا على الاطلاق . جدران البنايات لم يكتب عليها بعد اى كلمات ، لا تصدر روائح البشر من نوافذها مطلقاً ، لم أستمع بعد لصوت طفل أو نشيش قلى و لا أحد يطرق على أى شىء ، تسمرت تحت الشرفات لكنى لم أستقبل على وجهى رزاذات ماء الغسيل ولم أستطع تخيل أى إمرأة بسيقان وأذرع عارية ورداء شفاف .. الأشجار تقف على جوانب الطريق مجبرة بشعر مصفف بطريقة لا تروقنى ، الحدائق والأجام مرسومة تماماً ، افتعلها صانع لم يستمع يوماً لأى ألحان غجرية ، تسكعت كثيراً فى دروب المدينة كعفريت المقابر الهارب من الحياة ، العاشق لألوان الموت المرسومة على الأسفلت ، الشمس تأتى متثاقلة عادة ومجبرة دائماً ، لكنها لا تسطع ، تفر مسرعة من سماء المدينة إلى سموات مدن أخرى ، حتى انها لا تنتظر القمر الذى يأتى أو لايأتى ، جلست على الرصيف ، لم تمر من امامى سيارات تحمل بشراً أو دواباً و لم يمر بائع ينادى على بضاعة.
وقر رقيق لم اشعر به فى البداية ، لكنى شعرت به بعد أن تكرر على أكتافى ، كانت هى ، بمفردها جاءت من الضجيج بقميصها الأبيض المتعرق ورائحة انوثتها المثيرة وشعرها الأحمر الكثيف ووجها النمشى ، حقيبتها بجوارها يختبىء بعضها خلف ساقيها الساقطتين من تنورة زرقاء قصيرة فى حذاء بكعوب مدببة ،
جلست بجوارى على الرصيف وضعت حقيبتها بينى وبينها ، سقط رزاذ الغسيل على وجهى ، مر بائع البطاطا والذرة ، صراخ طفل وضجيجه بدأ يتعالى ، ،تحركت أمامى سيارة تحمل شباباً طائشاً يتصايح ، تسربت إلىأ نفى بسرعة روائح الطهى ، تعانقت سحابات كانت غائبة عن لوحة السماء ، للمرة الأولى أرى الشمس والقمر فى أفق واحد .
نظرت حولى ، وجدتها ملتصقة بى تماماً تكمل بجانبها الأيمن فراغ جانبى الأيسر ، لم أهتم أين و لماذا أزاحت حقيبتها