الخميس، 10 سبتمبر 2009

بلاى بوى

أعشق الساقطات وأكره نفسى ، ليس هناك فى حياتى ما هو أهم من مجلة البلاى بوى ، لو علمتْ بطلات وموديلات هذا المصور أن اصدارته ستسقط فى يدى انا ملك العالم فى القبح و الدمامة ما تفننّ فى هذا الإغواء.
أسقط بين دفتى المجلة فتتلقانى أجساد بمقاييس محسوبة بدقة ، اطارد بعينى هذا البروفيل الجانيى للنهود المحفوفة بضوء أبيض يتماهى مع شمع ذائب بين النور والجسد والعق بقلبى الخصور والأرداف الأغريقية وأنفلت واتمزق ليسكن بعضى فى الزوايا الكثيرة التى تصنعها السيقان النائمة والواقفة والمنبطحة والمضمومة والمتقاطعة واهيم مع طرف لسان متدل بوله من شفاة مصورة بالحجم الكبير فتبدو هوة مشتعلة اتمنى السقوط فيها دون ان ادرى هل ستطفىء أم ستزيد رغباتى اشتعالاً.
دمامتى نفّرت كل النساء وحالت بينى وبين حرارة أجسادهن ، لم تسمح لى أية أمراة بالإقتراب فإكتفيت بالتصوير ، أصبحت أشعر بقداسة ما عندما أنظر ناحية أى امرأة ، لا لوم عليهن فى ما يبدين لى من نفور ، عندما انظر فى المرآة أعذرهن جميعاً ، فانا لا اطيق النظر إلى وجهى فى الدقائق التى امشط فيها شعرى .
منذ دهر وأنا أختبىء وحدى خلف أكداس الورق فى أرشييف النيابة التابع لوزارة العدل ، أصادق التراب المتكاثف على الملفات والأضابير مفتخراً أنى المكتشف الأول وصاحب براءة اختراع الساعة الترابية ، عمرى و الأتربة يتسابقان فى التكاثف علىّ وعلى الرفوف و انا ما أزال قابعاً متوحداً مع الصور العارية التى أحياناً كنت الفظها وأتململ و اضيق بها لكنى اعود فى لحظات وألملم وريقاتها داعيا أن تسكن الروح أى صورة من تلك الصور الكثيرة فى المجلة ، لكنى أعود مرة اخرى ناكصا متمنياً ألا يستجاب لى ، فمن يضمن أن لو سكنت الروح الصور انها لن تنفر وتفر هاربة ، ثم لا يبقى لى من بعد ذلك شيئاً .
كنت جاث خلف مكتبى الملم صورى و وريقات مجلتى حتى وقعت عينى على أطراف اصابع أقدام تطل فى نافذة فضية من مقدمة حذاء رقيق ..أصابع أقدام أنثى ..أنثى حقيقة ، بدت لى بلحات حمراء رقيقة تتراص و تبرز منها أظافر كريستالية ، ارتفعت تدريجيا متكئا على المكتب حتى صرت أمامها ، كانت ترتدى بانتالون جينز ضيق وقميص أبيض ، ينساب شعرها الكستنائى على اكتافها ، بدت لى موديل بل أجمل من كل موديل فى المجلة قالت انها تبحث عن رئيس القسم وأنها متدربة وأنها مرسلة بخطاب رسمى لتعمل فى الأرشيف شهوراً قبل إعادة تدويرها على الاقسام الأخرى .
طول مدة تواجدها كنت أتابعها وأسير معها وخلفها بعينى وانفى وحواسى المختبئة خلف قضبان الحرمان المخثر فى ورم النفس ، أسترق لمحة لأعلى صدرها المرمرى عندما تضطر للإنحناء ، ولقطة للأرداف عندما أسير وراءها ، اقترب منها مدعيا السذاجة و اصطدم بها متغافلاً لأعبق روحى برائحة جسدها وأدور حولها مثل الكلب الأعور الجرب وانا أتشمم يائساً أى شبق لديها ، أنستنى رقتها دمامتى لكنى عندما تنبهتُ وتذكرت من أنا ، تراجعتُ ثم ابتعدتُ وفى النهاية سكنتُ فى مقعدى خلف مكتبى .
لم أعد أنظر فى البلاى بوى أصبحت مهتماً فقط بإطلالة و صولها كل صباح و معها حلوى تضعها على مكتبى بصحبة وردات ؛ مرة صفراء ومرة حمراء ومرة بيضاء وهى تضحك كطفلة وترفض أن يقال عنها أنها بريئة ولا تعرف أن فى هذا كل البراءة ،فى صباح من صباحات اشراقاتها ؛ أخرجتْ من حقيبتها غطاء رأسها تعصبت به وتشمرت ثم لم تنتهى إلا بعد ان نّظّمت ونظفت وأضاعت التراب تماماً ، كنت اشيعه كأنما سياتى دورى وأنها ستلتفت إلى لتضعنى فى صندوق القمامة مع التراب لكنها انشغلت بترتيب الأوراق فى نسق جميل منمق ومرتب ، اضىء المكان و اكتسب كل شىء رونقاً و اصبح نظيفاً مشرقا مزقت البلاى بوى ووضعتها فى كيس أسود وألقيتُ بها فى القمامة ، لم أعد اختلس النظر لجسدها ، لم يعد يعنينى أى جسد ، كلما حاولت العبث معها اصطدم بضوء يحول بين نفسى النزقة وعينى المتهجمة ، هذا الضوء لم يكن سوى سنا برق روحها الشافية .