السبت، 4 أبريل 2009

خطأ طبى




كان سعيدا عندما ذهبت لزيارته حسب الموعد الأسبوعى ، كان يعالجنى من الهم والحزَن الذى أصابنى فصرت كئيبا كغراب أسود ، لم تعد المضادات تجدى ، أصبحت أرى الموت حلاً ، جلوسى على كرسى الإعدام الكهربى يتساوى مع أحضان عشيقاتى ، والشجرة تخرج الناس من الجنة ، و الجنة وعد يأتى بعد الموت ..والموت لا يأتى بالطلب ...الإنتحار؟ ... جائز!

ستشفى نهائيا ... قالها للمرة الأولى واثقا و سعيدا وأكدها .
- ساجرى لك عملية نقل أحلام .. وجدت متبرعا ... بل هو مريض يشكو من أحلامه الكثيرة ، أمنياته التى لاتتحقق لا تتركه يستريح فى نومه ، لا علاج له منها إلا بإستئصالها ، و لا علاج لك من الكآبة إلا بزرعها فيك ... الأحلام يا سيدى ، سر السعادة و الشقاء.

عدت إلى المصحة فى المساء المحدد لإجراء عملية النقل ، تركتهم ليضعوا قطعة إسفنج مبللة على رأسى ، بعد أن حلقوها تماما ، ثبتوا فيها طبق يخرج منه أسلاك تتصل بطبق آخر مثبت فى رأس المتبرع الذى كان متيقظاً ، لم ألحظ سوى هالات سوداء حول عينيه ، اليأس رسم كل شىء فى وجهه ، و عدم الرضا جعله غليظ الأنف والشفة .وجهت عينى بعيدا إلى نافذة كانت عن يمينى ، مدرعة من الخارج بشبكة حديدية ، مغلقة بدلفتين من الزجاج الرائق المقسم إلى مربعات تنسدل على جوانبه ا ستائر بيضاء ، لم أرى خلالها سوى البرق الذى كان يضرب الغابة التى تحيط بالمشفى
ضغط الطبيب أزرار التشغيل وبدات عملية النقل ..كان متوترا ينظر إلى مؤشر منتظرا أن يعلن إتمام العملية ، بعد لحظات نام الرجل المتطوع بوجه مستريح وبعدها ضربتنى ومضات برق ، إرتفعت فى الهواء وعدت إلى الفراش مرات ، هرعوا بعدها لتثبيتى بأحزمة .. أما الطبيب فقد عاد لمراقبة المؤشر الذى كان قد إقترب من إعلان إتمام عملية النقل ،تفحص وجهى وإعجبه التوتر الذى أصابنى وإستراح لإنبساط قسمات الرجل الآخر ..
إنتهت عملية النقل ..وبدأت عملية الإفاقة شعرت بأعراض الإهتمام والإنتباه لكل شىء من حولى ..ضاع الإكتئاب فى لحظة
- تستطيع الآن أن تعود لدارك لقد شفيت تماما ..
بعد إسبوع ، فى المساء شاهدت الطبيب فى قناة الأخبار ، حكموا يإسقاط عضويته من النقابة و منعوه من مزاولة المهنة ..إتصلت به وعرفت منه أن المتطوع مات! . ..

- خطأ طبى